لنصره سيدنا محمد صلى

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
لنصره سيدنا محمد صلى

صلى الله عليه وسلم

قاطعو المنتجات الدنماركيه بدايه الرمز 57

    من توالى ومن تعادى ؟

    avatar
    aliadel0
    Admin


    المساهمات : 114
    تاريخ التسجيل : 28/06/2009

    من توالى ومن تعادى ؟ Empty من توالى ومن تعادى ؟

    مُساهمة من طرف aliadel0 الثلاثاء سبتمبر 22, 2009 2:00 pm

    من توالى ومن تعادى ؟
    إن الحمد لله رب العالمين نحمده ونستعينه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، إنه من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له.وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .

    {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ }
    آل عمران102

    {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً } النساء1.

    {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً {70 } يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً }[الأحزاب71،70 ]

    أما بعد :

    فإن أصدق الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي نبينا محمد r ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار .

    ثم أما بعد ..

    فحياكم الله جميعا أيها الأخوة والأخوات ، وطبتم وطاب ممشاكم وتبوأتم جميعاً من الجنة منزلا ، وأسأل الله الكريم – جل وعلا – الذي جمعنا في هذا البيت الطيب المبارك على طاعته ، أن يجمعنا في الآخرة مع سيد الدعاة المصطفي r في جنته ودار مقامته ، إنه ولي ذلك ومولاه ..









    أحبتي في الله : حقوق يجب أن تعرف :

    سلسلة منهجية كريمة ، تحدد الدواء من القرآن والسنة لهذا الداء العضال الذي استشرى في جسد الأمة ، ألا وهو داء الانفصام النكد بين المنهج المنير ، والواقع المرير .

    فأنا لا أعرف زمانا قد انحرفت فيه الأمة عن منهج ربها ونبيها r ، وضيعت فيه حقوق الدين ، كهذا الزمان ، فأردت أن أذكر نفسي وأمتي بهذه الحقوق الكبيرة ، التي ضاعت ، عسى أن تسمع الأمة مرة أخرى عن الله ، وعن رسول الله r ، وأن تردد مع الصادقين السابقين الأولين قولتهم الخالدة : { سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ}[البقرة/285] .

    ونحن اليوم بحول الله ومدده على موعد مع اللقاء الثامن والعشرين من لقاءات هذه السلسلة الكريمة مع حق جليل عظيم كبير ، ألا وهو حق الموالاة والمعاداة .

    فأعيروني القلوب والأسماع ، وحتى لا ينسحب بساط الوقت سريعاً من تحت أقدامنا ، فسوف ينتظم حديثي مع حضراتكم في هذا الموضوع الكبير الجليل في العناصر التالية:

    أولاً : تأصيل لغوي وشرعي مهم .

    ثانيا : أدلة القرآن والسنة .

    ثالثاً : صور مشرقة في دنيا الواقع .

    رابعا : كيف نحقق الموالاة والمعاداة .

    وأخيرا : لا تيأسوا فمن سواد الليل ينبثق نور الفجر.

    أيها الأفاضل أكرر القول بأن الداعية الأمين – أسأل الله أن نكون أهلا لهذه الأمانة – هو الذي لا يكون بأطروحاته في جانب ، في الوقت الذي يترك فيه أمته بجراحها وأزماتها ومشكلاتها في جانب آخر ، ولكنه يشخص الداء ، ليستل جرثومته بيد بيضاء نقية ، ليحدد لهذا الداء الدواء من كتاب رب البرية ، وكلام سيد البشرية r .

    ولا يغيب على أحد أن الأمة الآن تعيش واقعاً مريراً ، وتزداد المأساة حينما ترى كثيرا ممن ينتسبون إلى الإسلام ، لا يعرفون شيئا البتة عن هذا الأصل العقدي الكبير : عن الموالاة لله ولرسوله وللمؤمنين ، والمعاداة والبغض للشرك والمشركين والكفر والكافرين ، مع أن هذا الأصل لا يصح لمسلم على وجه الأرض دين إلا به ، وذلك يوقفك على حجم المؤامرة الخطيرة التي أعلنت على عقيدة التوحيد ، فلقد حاول أعداؤنا بكل سبيل أن يفرغوا العقيدة من مضمونها الحي ، ومحتواها الحقيقي ، لتصير العقيدة مجرد قشرة هشة خاوية لا تستطيع الثبوت أمام هذه الفتن الهوجاء ، والأعاصير المدمرة ، فصار المسلم – إلا من رحم ربي – يردد بلسانه كلمة التوحيد وهو لا يعرف لها معنى ، ولا يقف لها على مقتضى ، ولا يحقق لها في دنيا الواقع مضموناً بين الناس .

    كانت العقيدة بالأمس القريب إذا مس جانبها ، سمعت الصديق يتوعد ، والفاروق عمر يزمجر ، وخالد بن الوليد يهدد ، ورأت الصحابة الصادقين يبذلون من أجل حمايتها الغالي والنفيس .

    أما اليوم فإن العقيدة في الأمة تذبح شر ذبحة ، وأنا أدين لربي – جل وعلا – بأن الخطوة العملية الأولى على طريق النصر والعزة والكرامة ، هي أن تصحح الأمة عقيدتها ، وأن تجدد الأمة إيمانها وتوحيدها لربها – جل جلاله – فإن الإسلام عقيدة ، تنبثق من هذه العقيدة شريعة ، تنظم الشريعة كل شؤون الحياة ولا يقبل الله من قوم شريعتهم إلا إذا صحت عقيدتهم .

    يؤلمني أن أذكركم بما قاله حديثا اللورد (( كرومر)) المعتمد البريطاني في مصر أثناء الاحتلال الإنجليزي لهذه الديار المباركة يقول في كلمات صريحة : لابد من المحافظة على المظاهر الزائفة للإسلام ، حتى يظل المسلمون في اطمئنان خادع إلى أن إسلامهم مازال بخير ، فلا يهبون لنجدة عقيدتهم التي نقتلعها من جذورها .

    كلام واضح ، فالعقيدة هي الأصل ، غُيِّب هذا الأصل العقدي الكبير ضاعت الموالاة لله ولرسوله وللمؤمنين ، وضاعت المعاداة للشرك والمشركين .

    فما هي الموالاة ؟ وما هي المعاداة ؟

    بعد هذه المقدمة الموجزة وهذا هو عنصري الأول :

    تأصيل لغوي وشرعي مهم :

    الموالاة لغة : كلمة مشتقة من الولاء ، والولاء هو الدنو والقرب ، والنصرة والمودة والمحبة، فالموالاة ضد المعاداة ، فالولي ضد العدو ، والعدو ضد الولي ، فإذا كان النصر والود والقرب والحب لله ولرسوله وللمؤمنين ، فهذه هي الموالاة الواجبة شرعاً على كل مسلم ومسلمة .

    تدبر معي : إذا كان النصر والقرب والود لله ولرسوله وللمؤمنين ، فهذه هي الموالاة الواجبة شرعا على كل مسلم ومسلمة ، أما إن كان الود والنصر والقرب والمحبة للشرك والمشركين ، والكفر والكافرين ، والغرب والغربيين ، فهذه هي الموالاة المحرمة شرعا بإجماع الأمة بتضافر الأدلة من القرآن والسنة وإجماع علماء الأمة ، هذه موالاة ردة وكفر بالله ورسوله .

    فالناس ينقسمون الآن إلى ثلاثة أقسام :

    قسم ناصر لله ولرسوله ولدينه – اللهم اجعلنا منهم بمنك وكرمك – قسم يعيش لربه ، ويأكل ويشرب ويستمتع بالحلال ، لكنه يحمل هم الآخرة يعيش من أجل الدين .. الدعوة إلى الله هي همه في الليل والنهار ، هي فكره في النوم واليقظة ، هي شغله في السر والعلن ، يخطط لها ويفكر ، يحمل هم دينه ودعوته ، ينصر دين الله بكل ما يسره الله له من سبل .

    فهو في وظيفته يدعو لدين الله ، وهو في الشارع يدعو لدين الله ، وهو في مصنعه وعيادته ومدرسته ، يجسد في الأرض بين الناس دين الله ، وهو في بيته يذكر أسرته وأولاده ونساءه وبناته بدين الله ، رجل ينصر دين الله ، ويعيش لله ، بالله ، من أجل الله – تبارك وتعالى .

    هؤلاء هم القلة المباركة عند الله قال تعالى : {وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ }[هود/40]

    وقال تعالى : { إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ }[ص/24] .

    هؤلاء هم أولياء الله ، هم أهل الجنة ، وهم أهل الغربة الذين زكاهم نبيهم r بقوله كما في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة : (( بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء)) (1).

    القسم المقابل هو القسم الذي كفر بالله وجحد ربه – تبارك وتعالى – لا يعرف ربه ، ولا يعرف نبيه ، بل هو يعيش كالأنعام ، معذرة بل إن الأنعام عند الله أفضل من هؤلاء بنص القرآن ، قال الله – تعالى : {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ }[الأعراف/179]. قال تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ }[محمد/12] .

    هؤلاء بتقدير الحكيم العليم الخبير هم الكثرة ، أمر ثابت قدرا وشرعا قال تعالى : {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ }[يوسف/106]. قال تعالى: {وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ }[الأنعام/116]. قال تعالى: {فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً }[الإسراء/89] . حقيقة ثابتة قدرا وشرعا .

    وصنف بين هذين الصنفين صنف يعيش من أجل شهواته الرخيصة ونزواته الحقيرة، فهو منتسب إلى الإسلام ببطاقة شخصية رسمية ، إنه أحمد ، محمد ، عبد الله ، عبد الرحمن ، لكنه لم يحقق انتماءه لهذا الدين ، يعيش من أجل شهواته الرخيصة ونزواته الحقيرة ، لا ينصر دينا ، وهو في الوقت ذاته لا ينصر شركا ولا كفرا ، لكنه سلبي يقول : وما دوري ؟ أنا وماذا أصنع أنا ؟ ربِّ أولادك ، دع ما لقيصر لقيصر ، وما لله لله .

    بل ومن هذا الصنف المريض من يقول : دع الله لبوش لقيصر .

    لقد أسمعت لو ناديت حيا
    ولو نارا نفخت بها أضاءت



    ولكن لا حياة لمن تنادي
    ولكن أنت تنفخ في رماد




    عش عصرك ، انشغل بأولادك ووظيفتك ، ودعك من الدين وانفض يديك من نصرة الإسلام .

    صنف خاذل لدين الله ، وإن كان في ذات الوقت لا ينصر كفرا ولا أعداء الله ، لكنه سلبي ، وهذا الصنف على خطر عظيم ، ويخشى على أفراده أن يختم لهم بسوء الخاتمة، فمن عاش على شيء مات عليه ، ومن مات على شيء بعث عليه .

    قال ابن الحافظ ابن كثير : لقد أجرى الله الكريم عادته بكرمه ، أن من عاش على شيء مات عليه ، ومن مات على شيء بعث عليه .

    فمن عاش لشهواته ونزواته الحقيرة الرخيصة ، عاش ليأكل ملء بطنه ، عاش ليضحك ملء فمه ، عاش لينام ملء عينيه ، لا يحمل هم دين ، ولا يحمل هم دعوة ، عاش من أجل أسرة عاش من أجل أولاده ، عاش من أجل شهواته ، سيموت فقيرا ورب الكعبة سيموت فقيرا ، وسيحشر فقيرا ، وسيحشر حقيرا صغيرا .

    قال r - كما سنن الترمذي بسند صحيح من حديث أنس: ((من كانت الآخرة همه جعل الله غناه في قلبة ، وجمع عليه شمله ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه وفرق عليه شمله ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له)) (1) .

    فكن رجلا، كن صاحب همة عالية ، وسلم الراية لولدك وأنت رجل ، وسلم العقيدة الصحيحة لولدك وأنت قائم بين يدي الله – جل جلاله – قال الله لحبيبه r: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ{1} قُمْ فَأَنذِرْ} [ المدثر / 2،1] فقام الحبيب ولم يذق طعم الراحة ، حتى لقي الله ، قام الحبيب ولم يذق طعم الراحة حتى لقي الله .

    يا من خذلت دين الله

    أتحب أعداء الحبيب وتدعي
    وكذا تعادي جاهدا أحبابه
    شرط المحبة أن توافق من تحب
    فإن ادعيت المحبة مع خلافك



    حبا له ما ذاك في الإمكان
    أين المحبة يا أخا الشيطان
    على محبته بلا نقصان
    ما يحب فأنت ذو بطلان




    نعم :

    لو صدقت الله فيما زعمته
    وواليت أهل الحق سرا وجهرة
    فما كل من قد ما قلت مسلم
    مباينة الكفار في كل موطن
    وتصدع بالتوحيد بين ظهورهم
    هذا هو الدين الحنيفي والهدى



    لعاديت من بالله ويحك يكفر
    ولما تعاديهم وللكفر تنصر
    ولكن بأشراط هنالك تذكر
    بذا جاءنا النص الصحيح المقرر
    وتدعوهم سرا لذاك وتجهر
    وملة إبراهيم لو كنت تشعر




    لخطر هذه القضية تضافرت أدلة القرآن والسنة النبوية على بيانها .

    وهذا هو عنصرنا الثاني بإيجاز : أدلة القرآن والسنة .

    وبدون مقدمات تدبروا معي قول رب الأرض والسماوات:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ} نداء لمن آمن بالله ووحِّدَه:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} كلام ربك: {وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }[المائدة/51] .

    قال حذيفة بن اليمان أمين السر النبوي : فليحذر أحدكم أن يكون يهوديا أو نصرانيا وهو لا يدري ، لقوله تعالى : {وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ } قال شيخ المفسرين الطبري في قوله تعالى : {وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ } قال : أي من تولى الكافرين من اليهود والنصارى ، من تولاهم ونصرهم على المؤمنين ، فهو من أهل دينهم وملتهم ، قال الإمام القرطبي في كتابه الماتع (( الجامع لأحكام القرآن الكريم )) في قوله تعالى {وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ } أي : من تولاهم ونصرهم على المسلمين فحكمه حكمهم في الكفروالجزاء ، فحكمه حكمهم في الكفروالجزاء ، أكرر الآية:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ } .

    وها أنتم قد رأيتم بأم أعينكم الولاية بين الكفر ، تتجسد الآن على أرض فلسطين، فالكفر ملة واحدة ولقد بُحِّ الصوت في تأصيل هذه الحقائق ، ضحكوا علينا في أول إعلان الحرب على الإسلام والمسلمين في أفغانستان بأنه سوف تقام للفلسطنيين دولة في أرض فلسطين ، من أجل أن يضحكوا علينا .

    وقد أصلت ذلك في لحظتها وأعلنته ، وها نحن الآن نرى وقد قلت : هذه خدعة ، وهذا ضحك على أصحاب اللحى ، لكنهم إن حققوا ما أرادوا سيقلبون إلينا وعلينا ظهر المِجَنّ ، إنهم يستخفون بالأمة ويتلاعبون بزعمائها وأفرادها ، بلا استثناء ، وها نحن نرى المسلمين في فلسطين هم الإرهابيون فمنظمة حماس منظمة إرهابية ، ومنظمة الجهاد الإسلامي منظمة إرهابية .

    أما شارون فهو حمامة من حمائم السلام ، أما اليهود فهم حمامة من حمائم السلام ، أما بوش فهو الذي يحمل السلام لكل أهل الأرض وهو منبع الشر في الأرض ، وهؤلاء هم أصل الشر في الأرض ، فالكفر ملة واحدة .

    متى ستعي الأمة هذه الحقيقة ؟ متى ستصدق الأمة ربها ؟ متى ستصدق الأمة نبيها r.

    والله إن القلب ليتفطر ، والله إن الكلمات للتتوارى خجلا وحياءً ، فلقد قلنا هذا ألف مرة ، لكن نصرخ في صحراء مقفرة ، من يسمع من هذه الأمة عن الله وعن الصادق محمد r .

    متى ستصدق الأمة أن الكفر ملة واحدة ، وأن الكفر لا يمكن أن ينصر توحيدا ، وأن الشرك محال أن ينصر إيمانا ، اللهم إلا إذا دخل الجمل في سم الخياط (1) ، اللهم إلا إذا استخرجنا من النار المشتعلة المتأججة الماء العذب الزلال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }[المائدة/51] . قال تعالى : {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى }[ البقرة /120] لم يقل : لا ، لكن الله قال : {ولن} {ولن} .

    لا تنتظروا هذه اللحظة ، ولو جلسوا على مائدة المفاوضات كل يوم ، فاليهود لا يعرفون وفاءً لعهد ، ولا وفاءً لوعد ، إن قلوبهم تغلي على الإسلام وأهله ، أنا لا أنطلق لتأصيل هذا الكلام من مؤامرة عدائية ، على حد تعبير العلمانيين ، وإنما أؤصل حقائق قرآنية ونبوية ، فلا يحدثك عن القوم مثل خبير:{أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}[الملك/14] {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى } إلا بشرط ألا وهو : أن تترك دينك وأن تتبع دين اليهود والنصارى ، فمن مستعد من الموحدين لذلك ؟ {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ }[ البقرة /120] .

    وقال تعالى : {وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً } [البقرة /109] .

    قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ }[آل عمران/118] . أكرر الآية لجلالها وجمالها وكل آى الله جليل. قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ } يريدون لكم العنت ، يودون لكم المشقة { وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ } .

    فالآن تهديد صريح للعراق أنها تأوي الإرهاب ، والصومال الذي لا يجد أهله لقمة الخبز دولة تأوي الإرهاب ، وصارت كلمة الإرهاب كلمة ممجوجة يعلن الحرب بسببها – على الإسلام في كل بقاع الأرض ، حتى في الفلبين ، حتى في الفلبين بدعوى الإرهاب ، وهم أصل الإرهاب في الأرض :{ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ }[آل عمران/118] .

    هل ضاعت عقولنا إلى هذا الحد ؟ هل غيبت عقول الأمة إلى هذا الحد ؟ الله – سبحانه وتعالى – يظهر لنا ما صدور القوم ماذا تريد بعد ذلك ؟ يقول تعالى : {بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ} [ النساء/138] بشارة للمنافقين ، إنه التوبيخ والتبكيت كما في قوله تعالى : {ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ }[الدخان/49] فالله سبحانه يقول : {بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً {138}الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} اسمع لقول ربك : { أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّة } سبحان الله ، والله أشعر بأن هذه الكلمات لنا ، لواقعنا ، لزماننا : { أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً }[النساء/139،138] إن العزة لله سبحانه ، ولرسول الله r ، وللمؤمنين الصادقين .

    أتبتغي الأمة العزة عند الكفر ؟ أتبتغي الأمة العزة في الغرب ؟ هاهي شربت كؤوس الذل أشكالا وألوانا ، ها هي صفعت ، بل ضربت بالنعال ، فمتى سترجع الأمة إلى الكبير المتعال ؟ وإلى دين سيد الرجال r ؟ لتذوق من جديد طعم العزة وحلاوة الكرام.

    قالها عمر : لقد أذل قوم فأعزنا الله بالإسلام ، فمهما ابتغينا العز في غيره أذلنا الله، لقد ابتغت الأمة في الشرق الملحد تارة ، فأذلها الله ، فابتغت الأمة العز في الغرب الكافر تارة ، فأذلها الله ، فأبتغت الأمة العز في الوسط الأوربي تارة ، فأذلها الله ، وأخزاها الله ، ولن تذوق معنى العز وحلاوة الكرامة إلا إذا عادت إلى الدين الله ، لتنصره بكل غال ونفيس : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاء مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ }[الممتحنة/1] .

    أمر عجيب !! تعلمون عداوتهم لله ، وتعلمون عداوتهم لرسول الله r وتعلمون عداوتهم للدين وللمسلمين، ومع ذلك تسرون إليهم بالمودة بالمحبة ! تنصرون مناهجهم ! وتنصرون أفكارهم ! وتنصرونهم بالقول وباللسان ! وبالجرائد والمجلات والفضائيات والإعلام ! .

    عزف على وتر التقديس والتمجيد لمناهج هؤلاء المجرمين ، وإن انبرى رجل ، ليتحدث تراه – ورب الكعبة – يقدم رجلا ويؤخر أخرى .

    يا أخي أنا أشعر وأنا أتحرك للدعوة في ظل هذه الظروف ، بضغط شديد عل كل من يريد أن يجسد الحقيقة ، حتى ولو بصورة مهذبة ، والله – سبحانه وتعالى – يبين لنا صدور القوم ونفسياتهم في آيات كثيرة ، لا يتسع الوقت على الإطلاق لذكرها فهذا فيه الكفاية.

    ويقول الصادق الذي لا ينطق عن الهوى r كما في الحديث الذي رواه الطبراني ، والحاكم من حديث ابن عباس– رضي الله عنهما– بسند حسنه الألباني–رحمه الله– قال r : (( أوثق عرى الإيمان الموالاة في الله والمعاداة في الله والحب في الله والبغض في الله)).

    فأصل الموالاة الحب ، وأصل المعاداة البغض ، ((أوثق عرى الإيمان الموالاة في الله والمعاداة في الله والحب في الله والبغض في الله ))([1]).

    وفي الحديث الصحيح الذي رواه أحمد وغيره من حديث أبي أمامة أن النبي r قال: (( من أحب لله ، وأبغض لله ، وأعطى لله ، ومنع لله ، فقد استكمل الإيمان ))([2]).

    وفي الحديث الصحيح الذي رواه أحمد وغيره أن جريرا – رضي الله عنه – ذهب إلى النبي r فقال : أبسط يدك يا رسول الله ، لأبايعك واشترط علىّ فأنت أعلم ، أبسط يدك يا رسول الله ، لأبايعك واشترط علىّ فأنت أعلم فقال النبي r : (( أبايعك على أن تعبد الله – سبحانه وتعالى – لا شريك له ، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة ، وتناصح المسلمين ، وتفارق المشركين ))([3]).

    ولو نظرت إلى حياة أصحاب النبي r لوجدت تطبيقا عمليا رائعا لهذا الأصل العقدي الكبير ، وهذا هو عنصرنا الثالث في هذا اللقاء :

    صور مشرقة في دنيا الواقع :

    أيها الأفاضل : ولم لا أبدأ بهذه الصورة من أعظم صور الموالاة والمعاداة ؟

    من أنصع صور الحب في الله ، والبغض في الله للأنصار الأبرار ، الأطهار ، الأخيار، الذين فتحوا القلوب والأعين للمهاجرين ، قبل أن يفتحوا البيوت الدور ، وزكاهم الله – تبارك وتعالى – بقوله : {وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }[الحشر/9] .

    أيها الأفاضل : لقد فتح الأنصار القلوب ، فحل فيها المهاجرون ، بل لقد قاسم الأنصاري المهاجر في كل شيء ، أو شاركه في كل شيء ، وتنازل له عن أي شيء .

    ومن أجمل ما ثبت في هذا ما رواه البخاري ومسلم من حديث عبد الرحمن ابن عوف قال: آخى رسول الله r بيني وببين سعد بن الربيع الأنصاري – رضي الله عنه – فقال سعد الأنصاري لعبد الرحمن المهاجري : يا عبد الرحمن أنا أكثر الأنصار مالا فسأقسم مالي بيني وبينك شطرين ، ولي امرأتان زوجتان – فانظر أعجبهما إليك ، لأطلقها حتى إذا انقضت عدتها تزوجتها ، فقال عبد الرحمن بن عوف العفيف : بارك الله في أهلك ومالك ، ولكن دلني على السوق ([4]).

    والسؤال المرير : أين يا شيخ من يعطي الآن عطاء سعد ؟

    والجواب : وأين من يعفف عفة عبد الرحمن بن عوف ؟

    فلقد مضى سعد مع عبد الرحمن ، وجد سعد يوم كان هنالك عبد الرحمن صورة من أنصع صور الولاء ، من أحلى صور الحب في الله ، والبغض في الله وهاهو المغيرة بن شعبة يأتي عروة بن مسعود وهو عم المغيرة ، ليفاوض النبي r في الحديبية ، فوقف المغيرة بن شعبة ليظلل على رأس النبي r وهو جالس من الحر ، وواقف بالسيف رجل ، والمغيرة ينظر إلى عروة ، وعروة بن مسعود يكلم النبي rويفاوض النبي r! ويمد يده أحيانا ليداعب شعرات من لحية الحبيب المصطفى r ، هذا حريا على عادة العرب ، في التودد والتقرب .عروة يمد يده ، ليأخذ شعرة من شعرات النبي r برفق وود فرآه المغيرة ماذا صنع ؟ ضربه المغيرة بنصل السيف ، ضربة على ظهر يده ، وهو عمه ، وهو يقول : أخِّر يدك عن لحية رسول الله r قبل أن لا تصل إليك يدك ([5]).

    أي حب وأي ولاء ؟!

    وهذا عبد الله بن أبي بن سلول ، عبد الله إمام في التوحيد ، وأبوه رأس النفاق – ولله في خلقه شئون .

    والحديث رواه ابن جرير ، بسند صحيح : فلما سمع النبي r أن رأس النفاق عبد الله بن سلول يقول : لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل . يقصد أنه سيخرج رسول الله r ذليلا من المدينة ، فلما سمع r العبارة ، نادى على عبد الله بن عبد الله بن أبي وقال رسول الله r : (( أو سمعت ما قاله أبوك يا عبد الله ؟ )) فقال عبد الله : وماذا قال أبي بأبي أنت وأمي يا رسول الله ؟ فقال له النبي r : (( يقول أبوك : لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل )) . فقال عبد الله : صدق والله أبي يا رسول الله ، فأنت الأعز وهو الأذل ، والله ما عرفت المدينة رجلا أبر بأبيه مني ، ولكنه بعد ما قال ما قال ، فلتسمعن ما تقر به عينك يا رسول الله .

    وأخذ عبد الله السيف ، وانطلق إلى الطريق ، ووقف في طريق أبيه ، فلما أقبل رأس النفاق ابن سلول ، ليدخل بيته اعترضه ولده عبد الله ابنه ، فقال له أبوه : ماذا تفعل يا بني ؟ قال له ولده : والله لا يأويك ظلها – يعني : المدينة – ولن تبيت الليلة في دارك إلا بأذن من الله ورسوله r لتعلم من الأعز ومن الأذل ، فصرخ رأس النفاق : يا للخزرج ، ابني يمنعني داري ، فانطلق رجل من الصحابة إلى الرحمة المهداة ، والنعمة المسداة ، وصاحب الخلق الفياض بالأدب والجود والكرم ، فأخبره بما كان من عبد الله ، فقال النبي لهذا الرجل : (( اذهب إلى عبد الله وقل له يقول لك رسول الله : خلّه مسكنه)). يعني : دعه يدخل داره ، فلما جاء الرجل والأمر من قبل الحبيب r التفت الولد إلى والده وقال : فلتدخل إلى دارك الآن ، ولتعلم من الأعز ، ومن الأذل (1).

    هذه هي الموالاة في أنصع صورها ، وهذه هي المعاداة في أقوى وأوضح معانيها على ظهر الأرض ، بهذه العقيدة ، وبهذه القلوب استطاع حبيب القلوب أن يقيم بها دولة أذلت الأكاسرة ، وأهانت القياصرة ، وغيرت مجرى التاريخ في فترة لا تساوي في حساب الزمن شيئا ، على الإطلاق .

    أيها الأفاضل : والله أستطيع أن أقف على المنبر ساعات طويلة طويلة ، لأتحدث فقط عن هذه المواقف العملية المشرقة للصحابة – رضوان الله عليهم الذين جسدوا الموالاة والمعاداة في أنصع صورها على أرض الواقع ، وفي دنيا الناس .

    لا أريد أن أطيل على حضراتكم ، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم .



    الخطبة الثانية :

    الحمد لله رب العالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده ، لا شريك له ، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله ، اللهم صلّ وزد وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه ، وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين ..

    أما بعد :

    فيا أيها الأحبة الكرام والسؤال المهم : كيف نحقق الموالاة والمعاداة ؟

    والجواب : في نقاط محددة هذا هو عنصرنا الرابع من عناصر اللقاء :

    أولا : تحقيق الإيمان :

    فلا يمكن أبدا أن توالي الله ورسوله والمؤمنين ، وأنت تعادي الشرك والمشركين دون أن تحقق الإيمان ، وهذا هو الواقع .

    فأنت لا ترى ولاءً ولا براءً ، لأن الإيمان قد اختل في القلوب ، إذا لا يجيد الموالاة والمعاداة، إلا المؤمن فالنداء للمؤمنين {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء } [ المائدة/51] قال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ } [آل عمران/118]{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء}[الممتحنة/1] فالخطاب للمؤمنين فلابد أن نحقق الإيمان .

    والإيمان هو الذي حولِّ سحرة فرعون إلى أولياء ، فمن لحظة ، أعلنوها :{ بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ }[الشعراء/44] فلما ذاقت قلوبهم حلاوة الإيمان سجدوا لرب موسى وهارون ، وقالوا لفرعون بعزة واستعلاء : {لَا ضَيْرَ}[ الشعراء/50] كلمة واحدة تجسد حلاوة الإيمان في القلوب { لَا ضَيْرَ} يعني : افعل ما شئت : ذبح ، صلب ، قتل ، افعل ما شئت ، فلن نفرط في هذا الإيمان الذي ملأ قلوبنا .

    ثانيا : تحقيق الأخوة الإيمانية :

    إذا حولنا إخوة الإيمان بيننا إلى واقع فإننا بذلك نجسد الموالاة والمعاداة فبالعقيدة والإيمان ، وبالأخوة بين المسلمين بأخوة الجسد الواحد ، نحقق الموالاة والمعاداة ، {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}[الحجرات/10] فإن وجدت أخوة بغير إيمان فاعلم بأنها إلى زوال وبأنها التقاء مصالح ، وتبادل منافع ، فإن زالت المصلحة زالت الأخوة الزائفة ، وإن زالت المنفعة، انفصمت الأخوة المزيفة .

    وإن وجدت إيمانا بلا إخوة فاعلم أيضا بأنه إيمان ناقص ، إيمان يحتاج إلى تصحيح، وإيمان يحتاج إلى تجديد .

    إذ إن الأخوة ثمرة حلوة من ثمرات الإيمان الصادق بالله – جل وعلا - {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} .

    ثالثا : نبذ الخلاف :

    {وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ}[ الأنفال/46] فالأمة الآن في أمس الحاجة إلى أن تلتقي على كلمة سواء ، ولو اتخذت الأمة في هذه الظروف الحرجة قرارات ، اقتصادية ، سياسية ، دبلوماسية على حد تعبيرهم ، والله ستغير مجرى التاريخ ، في هذه الأيام العصيبة ، الأمة غنية بالثروات ، بالمناخ ، بالعقول والأدمغة بالطاقات ، بالعمق الاستراتيجي الخطير في قلب الأرض ، لكنها مهزومة نفسيا ، ومشتتة ومشرذمة ، حتى على مستوى العمل الإسلامي ، ترى التشرذم ، والتهارج ، والنزاع ، والشقاق ، والخلاف ، وربما لا يلقي الأخ السلام على أخيه ، لأنه لا ينتمي إلى جماعته ، وإنا لله وإنا إليه راجعون .

    لا أريد أن أطيل على حضراتكم ، لكنني أود كعادتي أن أختم اللقاء ببشارة للقلوب وهذا هو عنوان العنصر الأخير .

    لا تيأسوا فمن سواد الليل ينبثق نور الفجر :

    أيها الأفاضل : ها نحن نرى الآن على أرض الواقع أن الأمة – ولله الحمد – بدأت تنتقل من مرحلة أزمة الوعي إلى مرحلة وعي الأزمة ، بدأت تنتقل مرحلة أزمة الوعي إلى مرحلة وعي الأزمة .

    فأنت ترى الآن الصغير من أولادنا ، يتحدث عن اليهود ، يتحدث عن الحقد الغربي الدفين ، على الإسلام والمسلمين ، أجيالنا المعاصرة ما عرفت قضية القدس ، إلا بعد هذه الأحداث وهذه سنن ربانية لله في الكون ، لا تتبدل ولا تتغير .

    فأنت ترى الآن إقبالا جديدا على الله – سبحانه وتعالى – في كثير من بقاع الأرض ، بل في كل أرجاء الأرض ، فمع هذه الفتن ، وإذا اشتدت المحن لم يجد الناس – أقصد من أهل الإسلام – طريقا إلا أن يفروا إلى الله تبارك وتعالى ، وأن يلجأوا إلى الله ، وما نراه الآن في الدروس والمحاضرات والجمع وما نراه من حجاب ، وما نراه من إقبال على مطالعة أخبار المسلمين في الشرق والغرب لمن أعظم الأدلة العملية على أن تباشير صباح جديد بدأت تبزغ في الأفق ، أسأل الله أن يحولها إلى فجر صادق ، إنه ولي ذلك والقادر عليه .

    فلا تيأسوا ولا تقنطوا ، فالجولة الأخيرة كما بينت في اللقاء الماضي ، لن تكون البتة إلا لدين النبي r برغم أنف الكافرين والمجرمين

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد نوفمبر 24, 2024 11:43 am